30 - 06 - 2024

تباريح | الخواء المحيط بالسيسي

تباريح | الخواء المحيط بالسيسي

(أرشيف المشهد)

  • 14-7-2015 | 22:46

يبدو الرئيس الذي كان في لحظة محطا لآمال قطاع كبير من الشعب وطموحاته محاطا بخواء ، أجهد نفسي في فهم ملابساته وأسبابه دون جدوى ، فالرجل بدأ بشعبية لم يحظ بها أيا من سابقيه ، وصلت إلى حد الافتتان بشخصه وبقدراته ، وبدأ بدعم اقليمي صور لقطاع من الشعب أن هناك خزائن مفتوحة تنتظر إشارة منه ، لكن بعد عام من الحكم اتضح أن الرجل لم يختلف كثيرا عن سابقيه ، وحتى لم يتعلم من تجاربهم ، وأنه ليس الزعيم الملهم ولا صانع المعجزات ، بل إن عهده عذاب في عذاب ، كما وصف نفسه يوما ، لكن التصور المتفائل وقتها جعل تفسير العذاب ، بمعنى التوجه الجاد نحو بناء الوطن ، وليس بمعنى التقهقر به للوراء ، وهو ما حدث على أرض الواقع.

بداية فإن أول ملامح القائد القوي أن يميل إلى إحاطة نفسه بالأقوياء ، دون أن يمثل وجودهم هاجسا على وجوده أو مكانته ، ومن نظرة عابرة نكتشف أنه أكثر ميلا إلى إزاحة الأقوياء من طريقه ، ليس ذلك فقط وإنما يحاول التمثيل بهم ، حدث هذا في القوات المسلحة ممثلا في الفريق أحمد وصفي "أسد سيناء" ، مثلما حدث مع شركاء 30 يونيو ، الذين خرجوا من معادلة هم صناعها – او يفترض ذلك – خرجوا واحدا وراء الآخر في ظروف غامضة ، لم يعرف منها إلا ما حدث مع البرادعي. واستبان أيضا في اختيار فريقه الوزاري ونوعية الشخصيات التي يقربها منه ، إذ يميل لتقريب من ينسحق أمامه تماما ، وليس لمن يمكن أن يعامله بشيء من الندية أو يجرؤ على إخباره بحقيقة ما يجري ، والدليل على ذلك اختياره لمحلب وحكومته الذين يصلح أغلبهم لدور الرجل الثاني وليس الرجل الأول ، وأيضا أنه حين اختار النخبة الإعلامية التي تتردد على قصر الرئاسة أو يتم توجيه الدعوات لها لسفر هنا او جولة هناك ، لم يأت بشخص واحد من خارج الصندوق الذي أحكم غلقه حسني مبارك ووزيره المقرب صفوت الشريف ، وصنعت أغلبها ، مع استثناءات قليلة ، على عين الأجهزة المعنية ، كما صيغت بعلاقات مصالح مشتبكة مع دوائر محددة ، تجعل خروجها من تحت السيطرة عملا يشبه الانتحار.

من ملامح القائد القوي أن يفكك الأزمات ، لا أن يعيد إنتاج دولة أمنية بوليسية ويشرعنها بقوانين جعلتنا نترحم على عهد "ترزية القوانين" فقد اتضح أن الترزية القدامي كانوا أكثر مهارة وحياء من نظرائهم الجدد ، على الأقل في الماضي كانت هناك حياة دستورية تصحح عوار القوانين وتلجم شطحات الساسة ، وليس قانون الإرهاب الأخير إلا نموذج لإضفاء المشروعية على أفعال دولة تغضب وتبطش وتقتل ، وتضع نفسها في مواجهة شعبها.

حتى مواجهة الإرهاب فاشلة وتوفر له الذرائع والبيئة الحاضنة ، ورغم ان جنودنا وضباطنا يخوضون معارك باسلة ويدفعون دمهم الطاهر ثمنا ، إلا أن هناك من ينسحب بالدولة في خسة من هذه المعركة ، ليترك قطاعا من أهلنا في سيناء نازحين ومشتتين بين الولاء للوطن والحفاظ على الحياة.

من هم أعضاء الفريق المحيط بالرئيس ، هؤلاء يقودون مصر إلى كارثة لو كانوا يعلمون ، أم أن الرجل لايسمع غير صوته هو ؟. إذا كان ثمة من يحيطون بالرئيس ويشيرون عليه ، فهؤلاء يجب تغييرهم فورا ، وإذا كان حوله خواء فيجب أن يتنبه قبل الكارثة.

مقالات اخرى للكاتب

تباريح | مصر ليست مجرد أغنية!





اعلان